منتديات الأخت المسلمة
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.




 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصيرة دخان البنفسج

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
طائر النورس
مشرف عام
مشرف عام
طائر النورس


ذكر
عدد الرسائل : 1057
العمر : 42
الموقع : الاخت المسلمة
العمل/الترفيه : الروايات والشعر
المزاج : تمام
منتديات ا : قصيرة دخان البنفسج 108767906
تاريخ التسجيل : 04/07/2008

قصيرة دخان البنفسج Empty
مُساهمةموضوع: قصيرة دخان البنفسج   قصيرة دخان البنفسج I_icon_minitimeالخميس 25 ديسمبر 2008, 2:47 am

قصة قصيرة دخان البنفسج
بقلم عصري فياض وقفت" ياسمين" الفتاة الريفية اليافعة ذات البشرة البرونزية الناعمة أمام المرآة تستشعر ملامح وتغيرات بدأت تكتسيها،وتحاكي باستحياء صورتها وهي تلحظ رحيل بقايا الطفولة، ودنوها من أعتاب الأنوثة الكاملة، عالمها الجديد والمجهول والذي لا تعرف عنه سوى أنها منعت بسببه من متابعة تحصيلها الثانوي وحتى الخروج من البيت،فلا تزور شقيقة، ولا تجالس صديقة،ولا تشعر بالاطمئنان عندما تحاكي ابنة جيرانهم التي تقاربها في السن، فأصبحت رقصات الإصبع الغاضب أمام وجهها عادة،والإصغاء للصراخ المتدفق من الحناجر لسعا لإحساسها روتينا، فالخوف يحاصرها ، والظن يطاردها،حتى أنها أضحت تحس الشمس ولا تراها، وتعتقد أن القمر قصة أسطورية استعيظ عن نوره "الخرافي" بنور الكهرباء... قالت في نفسها وهي تُسير المشط ببطء بين خصلات شعرها الأسود... ترى ماذا يخبأ لي المستقبل؟! أحكمت أسر شعرها بالحابسات، ومدت يدها خلسة إلى زجاجة العطر الرجالي المنسية سهوا أمام المرآة، وطيرت بعضا من رذاذها على ثوبها العتيق، فدوى صوت الأم من فناء المنزل يناديها ، فاهتزت، وألقت ما بيدها جزعة، وهرولت حتى وصلت الفناء وانتصبت أمام أمها طاعة،فانطلق اللسان بالموشح ألتوبيخي اليومي كالمعتاد، وانتهى بالأمر التالي :- اذهبي فزودي الأغنام بالماء والبرسيم ، ثم عودي واحلبيها،ولا تنسي تزويد الدجاج بالعلف وجمع البيض من تحتها ... هيا تحركي... فانصرفت ياسمين تلبي فصلا متكررا من العمل الذي لا ينتهي * * * * * * * بالأمس القريب، تقدم لياسمين احد شبان القرية،تحدث مع والدتها، فقامت الأخيرة بإبلاغ إخوتها الذين رفضوا الأمر لأسباب خفية ، ظاهرها صغر السن،وباطنها مسؤولية البيت.... هذه المرة جاء الخاطب من بعيد،.... أحكمت الأم الأمر بدهاء، اقتربت من ابنتها لأول مرة بهدوء، وأخذت تدغدغ عواطفها بالأحلام تارة،وبالدموع تارة أخرى.. يا ابنتي، الزواج سترة ، والشاب مناسب... وإخوتك مهتمين بزوجاتهم وأولادهم، وأنا أمك أحرص الناس على سعادتك...... شعرت ياسمين بلمسة حنان دافئ في كلام أمها لم تعهده من قبل، فقالت بحروف مرتجفة :- ولكن يا أمي هل أوافق على ذالك الشاب دون أن أراه ؟!! قالت الأم :- سيأتي وترينه ،..... ولكن لا تحرجيني.... عمك موافق، وأنا سأتكفل بإقناع أشقائك ... لقد تزوجت والدك رحمه الله دون أن أراه أو أعرفه من قبل ... * * * * * * * في تلك الغرفة التي احتشدت فيها بعض النسوة اللواتي يتحدثن بهمس وتفاءل،تقف ياسمين مرتبكة غارقة في التفكير،.... إلى أي مدى ستوافق ملامح هذا الخاطب الجالس في الغرفة المجاورة ملامح فارس الأحلام ؟! أو حتى إلى أي مدى سيكون مقبولا للنفس التواقة للخلاص من هذا الواقع؟ ... حضرت الأم تحمل آنية القهوة وقالت بحزم:- هيا تماسكي وادخلي... حاولت الصغيرة تمالك نفسها،فحملت الآنية وما عليها من فناجين القهوة ودخلت أصعب موقف في حياتها... أبصرته... فهو الشاب الوحيد بين الضيوف.... استرقت بعض النظرات إليه.... أحست بعدم الارتياح..... غلبها حياؤها، فاندفعت محاولة الخروج ، لكن عمها أمرها بالجلوس،فانصاعت .... تعمد العم توجيه الأسئلة للخاطب الذي راح يجيب بلغة تدل على بلاهة وقدر من التخلف... رفعت ياسمين نظرها إليه... دققت به مليا... فتعمق الإحساس في بحر هذه اللحظات الصعبة ..... انه ابعد مما تتمنى ... ليس هذا الذي يصلح لخوض الحياة معه وبه، شبت من مكانها، وأسرعت على عجل إلى الغرفة الأخرى، فإلتقفنها النسوة يقرأن في عيونها الكلمات الصامتة، سألتها إحداهن :- هل أعجبك ؟ ردت بوجوم : لا أدرى.. جاءت الأم وهي تردد كلمة مبروك على مسمع الجميع.... دقت ياسمين قدمها بالأرض تعبيرا عن الرفض وبكت،.... زجرتها أمها بصوت خافت شديد التحذير قائلة :- ستأخذينه رغما عنك.. أخفت ياسمين رأسها في الجدار وبكت بحرقة، بينما خرجت الأم تلعلع بالزغاريد ،فشرع الجميع بقرأة الفاتحة........... * * * * * * * سيقت بثوب العرس المبلل بالدموع إلى زوج رأت فيه ومنه من خصال طيلة فترة الخطبة ما باعد ه عن قلبها وعقلها بُعد الحلم عن الحقيقة ،...وزفت إليه زهرة ذابلة فارغة الأحاسيس،وعاشت معه أيامها الأولى في هذه الغرفة التي شهدت فرار فتاتين قبلها.... ومضى شهر العسل بلا طعم ،وبدأت إطلالات الجحيم بالظهور،إهانة وسيطرة واستعباد،رباعية البطولة ... الأم وشقيقته وهو ،انهم خائفين من الفشل الثالث....وإثبات الرجولة لا يأتي حسب عرفهم إلا بعد كسر انف امرأة واستباحة كرامتها........ حاولت أن تفرغ بعض ما تعانيه لأهلها خلال الزيارات الموسمية ،غير أنها لم تلقى آذانا صاغية بسب عدم السماح لها بالإنفراد بأهلها، وضياع شكواها بين المجاملات الروتينية بين الأصهار، ومع مرور الوقت، تراكم الرفض في جوفها من وقع الواقع المهين حتى طفح ،فانتفضت ذات يوم تطالب الدمية المسمى زوجا أن يرحمها ، فكان الجواب عصا غليظة دكت مفاصلها وختمت جلدها باللون الأزرق حتى ثارت من شدة الألم ،فدفعته عنها حتى سقط أرضا، وولت هاربة في أزقة هذه البلدة التي لا تعرف أحدا فيها،... أطلت على الشارع الرئيسي ... أوقفت سيارة أجرة ، واستحلفت سائقها أن يقلها إلى قريتها على عجل. * * * * * * * الشهامة عند شقيقها الأكبر أن تساق شقيقته الهاربة من جحيم زوجها وأهله من خصلات شعرها مصحوبة بأمها التي تولول من عظم هذه الفضيحة، وصلوا إلى منزل الزوج .... وقفوا صاغرين أمام انسبائهم يرتلون عبارات الاعتذار عن جرم ابنتهم ،لكي يرضى الزوج وأهله، ويغفروا الخطيئة التي اقترفتها هذه الجاهلة .... هز الزوج رأسه قابلا اعتذارهم،رغم أنه لم يستوعب كل ما قالوه، فأدخلوها غرفتها اللعينة وأقفلوا عائدين... أما الزوج فقد انبرى لاجتماع عاجل مع أمه وشقيقاته الكبار للبحث والمشورة، ما هو الأسلوب الذي سيتبعونه لترميم كبريائهم الذي تصدعته تلك الفتاة العائدة بقدميها إلى العقاب ... والته تكتنز من الخبرة الكثير في هذا المجال.... أشارت عليه بعقاب يكسر النفس ويروض ها ، لكن دون صوت... انه الحبس لأيام حتى ترضخ وتذعن. * * * * * * * أيام قضتها الحبيسة الرهينة في هذه الغرفة الصغيرة،لا طعام ولا نوم ولا من يحدثها، فقط شجرة السرو التي تجاور فتحة السجن الصغير، مدت يدها،فأمسكت بأغصانها الجافة وعصرتها بيدها ... تذكرت طفولتها عندما كانت تجمع الحطب والقش وتوقد لإيقاد النار كفعل عبثي طفولي، فقفزت إلى تفكيرها فكرة الانتحار.. هذه الأغصان قادرة على الاشتعال، ولكن من أين سأتي بوسيلة النار؟ ... انتبهت لصوت طفل يسير قرب الزنزانة التي تسكنها،... تسلقت ألفتحته ممسكة بالقضبان القصيرة... أنه براء ابن الجيران.... نادته واستحلفته أن يحضر لها علبة الثقاب... كان من الصعب إقناعه بالأمر...حاولت استمالة عقله بأن ادعت أنها تريد أن تشعل الموقد لتحضير الطعام، وهي جائعة جدا،ولا تجد ما تشعل به الموقد ... لبى براء رغبتها على عجل ،حيث دخل منزلهم خلسة وأحضر علبة الكبريت،وناولها لياسمين قائلا :- أعيدها لي بعد بعد أن تفرغي من استعمالها . ابتسمت ابتسامة صفراء لم يفهمها ذلك الطفل ، وشرعت بحالة من الجنون في جمع ما طاولته يدها من أغصان يابسة ، حتى غطت بها إحدى زوايا الغرفة الزنزانة .وأشعلت النار بكومة الأغصان هذه... ثم ألقت بجسدها المعذب على النار... فدوى الصراخ ... وتراكض الجميع ... وقبل أن يفلحوا في كسر الباب ، كان الجسد الغض الجميل قد فحمته النار ،وأخفت ملامحه بالسواد الذي تفوح منه رائحة الشواء المقيت.... فتطاير الدخان البنفسجي الحزين من الروح المعذبة باهت اللون
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://muslima1.1fr1.net/profile.forum?mode=register&agreed=true
 
قصيرة دخان البنفسج
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتديات الأخت المسلمة :: (¯`·._.·( منـتـديات ثقافية )·._.·°¯) ::  «۩۞۩- القصص والروايات -۩۞۩»-
انتقل الى: