أم أنهم يريدون السخرية من المسلمين؟
إنني أريد أن أتساءل معكم، ولكن دعوني أذكر القصة لأن بعض الناس منفعل، و لا يدري مبعث الانفعال. القصة أن جريدة مغمورة لا قيمة لها.. ولا وزن لها.. ولا وجود.. ولا اسم.. أجريت مسابقة للرسم الكاريكاتيري للسخرية من رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، ورسم الرسامون الرسومات وعرضت، واختير من بين هذه الرسوم اثنا عشر رسمًا، وعرضت في الجريدة. هذه الرسوم لما عرضت أثارت الضجة التي تعرفونها. وما أريده الآن هو التساؤل عن سر إعادة نشرها الآن؛ هل يقصدون بالمسابقة السخرية من سيدنا النبي شخصيًا أم من المسلمين؟
أحدهم (أسأل الله تعالى أن يهديه ويتوب عليه) أتاني بأسطوانة فيها الرسوم، وعندما شاهدتها أصِبت بالغم، وأعيذكم بالله من الغم والكدر. رأيت أنهم يصوّرون سيدنا محمدًا في صورة المسلمين الذين يرونهم اليوم. فلذلك دعوني أتساءل:
هل يقصدون شتم رسول الله؟
أم يشتمون المسلمين في شخص يمثل المسلمين ألا وهو الرسول صلى الله عليه وسلم؟
أم لا يقصدون المسلمين ولا رسول الله، وإنما يقصدون الدين نفسه.. المنهج نفسه.. العقيدة نفسها.. الإسلام الذي يحسون بأنه خطر عليهم؟
تعالوا إلى مزيد من التأمل:
هل هي حرب عقدية كما قال المجرم "بوش"؟
هل هي حرب صليبية جديدة؟
أم أنها مسألة جس نبض وقياس ردود أفعال المسلمين؟
أم هو كلام فارغ وسفاهة وتفاهة؟
أم أن الموضوع لاستفزاز المسلمين ؟
بمعنى أنهم يعتقدون أنهم عندما سيسخرون من النبي محمد، فنحن بالتالي سنسخر من سيدنا عيسى، أو سنسخر من سيدنا موسى، أو سنسخر من السيدة مريم عليهم السلام؟ هل يفكرون بهذه الطريقة؟.. هل هو استفزاز ليتطرف البعض داخل الدول الإسلامية ليحاربوا بعضهم البعض شعوبًا وحكومات؟.. يا ترى كيف يفكّر هؤلاء؟؟؟
إن كل هذه المعاني التي ذكرتها واردة، لهذا أقول إننا لتلافي مثل هذا الحادث مستقبلاً علينا أن نعتمد علاجًا عقديًا. لماذا؟
أنا قلت في قضية غزة إن إسرائيل تحارب المسلمين بعقيدة، فهم يعرفون أن فلسطين ليست بلدهم، ورغم ذلك تجدهم يحضرون يهوديًا من بولندا، ويهوديًا من استراليا، ويهوديًا من الحبشة، ويهوديًا من أمريكا، ويهوديًا من انجلترا.. كل هؤلاء يتجمعون في فلسطين استجابة لعقيدة.. إذ يقولون إن كتابهم التلموذ قال لهم: "هذه الأرض أرض المعاد".
والفرق كبير بين إنسان ترك بلده، وتخلى عن وظيفته ومكانته الاجتماعية، وأتى يعرض نفسه للخطر ليكون جنديًا في جنود الاحتلال الإسرائيلي؛ لأن التلموذ الذي يدين به ويعتقده قال له: "إن هذه أرض المعاد"، وبين شخص آخر يقاتل ليعيش وليحافظ على زوجته وأولاده. الفرق كبير بين واحد يقاتل لعقيدة، ويقول: "إن ربنا أخبرنا أن هذه الأرض أرضنا" و آخر يقول: "اتركني أعيش"، ولا يقاتل من أجل عقيدة. و الحال أن العقيدة لا تواجه إلا بعقيدة.